بحث في المدونة

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

" رصاص و دماء " : ( قصة قصيرة )

المقدمة :

هذه هي القصة كتبتها من واقع الأحداث الأليمة ...

التي وقعت في بلدي " مصر "

و يحدث مثلها في بلادنا العربية و الإسلامية

فأهديها إلى الجميع

أتمنى أكون قد وفقت في تقديم رسالة

تحياتي لكم

-------------------------------

أجلس على الأريكة ِ مكتوف اليدين ...
أسمع صراخ طفلاي ... و أنين زوجتي ...
و أنا بلا حول ٍ و لا قوة ...
و أنا لست بحالٍ أفضل منهم ...
و لكن لما يا ترى ؟!
هل لأن أطفالي لم يأكلوا شيئاً يُذكر منذ يومين ؟
أم لأن زوجتي تحتاج إلى جرعة ٍ جديدة من الدواء ...
أم لأنني لا أستطيع الخروج من منزلي كالأطفال ؟!
أم لأنني فقدت إحساسي بالوجود ؟!
و فقدت إحساسي بالزمان و المكان !
أين أنا ؟ أين أعيش ؟!
لقد نسيت ذلك منذ زمن ...
فلم يعد ذلك يُشَكِل فارقاً كبيراً ...
و الآن ها قد بدأت أصوات إطلاق النيران من جديد ...
لم يُعد ذلك الأمر مُفاجئاً ، أو خارج عن المألوف ...
لقد أصبح صوت إطلاق الرصاص هو موسيقاي ...
و أصبحت الدماء ، هي لوحة الصباح و المساء ...
و لكن يكفي هذا ...
يكفي خضوعاً و تخاذلاً ...
لن أقف مكتوف اليدين
و لن أجلس أندب حظي هكذا ...
" سأذهب "
صحت بها بكل ما يحمله قلبي من كبت و قهر و أسى ...
و اختلطت كلماتي بصوت دوي الرصاص ...
التفتت إلي زوجتي في هلع و قالت :
ما الذي تقوله ؟
ألقيت عليها نظرة ً خاطفة ً
و دون أن أنبس ببنت شفة ... توجهت نحو باب المنزل المُتهالك و أنا أعض شفتاي في ألم ...
" توقف أرجوك "
صرخت بها زوجتي في بكاء و هي تتمسك بيدي في شدة ...
حاولت أن أستعيد رباطة جأشي و أنا ألتفت إليها ... ثم انحنيت لأمسح دموعها و أنا أقول :
لا تقلقي ، سأعود بخير ، من أجل أبنائنا ، و من أجلك .
قالت وسط دموعها :
أرجوك لا تغادر الآن ، ألا تسمع صوت إطلاق النار ؟!
صحت قائلاً : بل أسمعه ، و لكني لا أستطيع أن أبقى ساكناً هكذا و أترك أطفالي يموتون جوعاً ، و زوجتي تأن من المرض .
قلتها و أزحت يدها عني برفق ، ثم توجهت إلى الباب و خرجت قبل أن تستوقفني مجدداً ...
و من خلف الباب سمعتها تصرخ باكية ً : " انتظر "

لا أصدق ، لقد ظفرت ببضع أرغفة من الخبز ، وبعض الجبن ... إنها مُعجزة ...
و كذلك استطعت أن أجلب ثلاث كبسولات لعلاج زوجتي ...
للأسف ، لم أستطع أن أجلب ما هو أكثر ...
سيكفينا هذا لثلاثة ِ أيام ...
و بعدها سأتصرف ...
المهم الآن ، أن أصل إلى المنزل ِ بسلام ...
و هذا شيء يتوقف على قدري ... قدري وحده ...
أخذت اقترب من المنزل شيئاً فشيئاً ...
لا أسمع أصوات ضوضاء ، أو إطلاق نيران ...
ربما تكون الأوضاع قد هدأت قليلاً ...
جيد ...
صرت أتقدم بخُطى ثابتة نحو المنزل ، و أنا أحمل الـ ...
" توقف عندك "
سمعت ذلك الصوت ، فتجمد الدم في عروقي ...
و تسمرت في مكاني بلا حركة ...
التفت برأسي ، لأرى رجلين ، المفترض أنهما من الشرطة قادمين نحوي ...
ازدردت لعابي ، و نظرت إليهم في توتر ، بينما سألني أحدهم :
أرني بطاقة هويتك !
أدخل يداي لأفتش في جيوبي ، بحثاً عن البطاقة و ...
يا للهول ! لقد نسيتها في المنزل !
رفعت عيناي إلى الشرطيين بوجهٍ مُحتقن و أنا أقول : يبدو أنني قد نسيتها ...
ابتسم الشرطيان في ظفر ، و كأنما كانا ينتظران ذلك ...
ثم مد أخدهما يده ليجذبني بقسوة و هو يقول :
إذاً ستأتي معنا يا هذا ، لنعلمك كيف تـ ...
بتر عبارته ، صوت إطلاق النيران الذي أخذ يدوي من جديد ...
و هنا ترك الشرطي يدي ، ليستل مسدسه في توتر ...
و فعل زميله الشيء نفسه ...
و هنا ، حين سنحت لي الفرصة ...
اتخذت قراري ...
أخذت أركض هارباً ، و أنا أتمسك في الكنز الذي أحمله بين يدي ...
التفت لي الشرطي الذي كان يمسك بيدي ، و صاح و هو يصوب مسدسه نحوي :
توقف يا هذا و إلا سأطلق عليك النار !
ألتقط نفساً عميقاً ، و تابعت ركضي في هلع ...
بينما سمعت زميله يقول :
دعك من ذلك الأحمق الآن ، لدينا ما هو أهم فلُنسرع !
التفت خلفي ، فوجدته يُخفض سلاحه و هو يرمُقني بنظرة ٍ نارية ...
ثم أشاح بوجهه عني ، و ذهب بعيداً مع رفيقه ...
هنا تنفست الصعداء ، و توقفت عن العدو لألتقط أنفاسي ...
لقد نجوت هذه المرة بأعجوبة ...
نجوت من الرصاص بالرصاص ...
و نجحت في العودة سالماً إلى زوجتي و أبنائي ...
و لكن لن تكون هذه آخر مُغامرة ٍ لي ...
لابد أنها ستكررها بعد ثلاثة أيام على الأكثر ...
فهل سأنجو في المرة المُقبلة؟ هل ؟
---------------------------------------------------------

تمت

هناك تعليق واحد:

  1. فارس النينجا27 أغسطس 2013 في 3:23 ص

    انه واقع اليم
    +قصة جميلة
    بالتوفيق اخي احمد

    ردحذف

;