بحث في المدونة

الخميس، 4 أغسطس 2011

على من شتفق أكثر ؟

في واقعة تاريخية و فريدة ، ستبقى عالقة في ذهننا ما حيينا ..
بدأت في اليوم الثالث من أغسطس عام 2011 أولى جلسات محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك ، بالإضافة إلى نجليه علاء و جمال مبارك ، و رجل الأعمال حسين سالم ، و وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالإضافة إلى ستة من معاونيه .
قبل التطرف إلى أي تفاصيل ، دعونا نتفق أولاً على أن تلك المحاكمة تاريخية و فارقة في تاريخ مصر بأي حال من الأحوال ..
فهي تعني بدأ عهد جديد تكون القاعدة السائدة فيه هي العدل و عدم التمييز بين مصري و أخر ، و أن يكون الجميع أمام القانون سواء .
في البداية أود أن أذكر بضعة مشاهد استفزتني للغاية :
* مشهد ابتسامة حبيب العادلي الواسعة ( تقولشي جورج كلوني ) و مصافحته للضباط بنفس الابتسامة السمجة التي تجعلك تظن انه رئيس الانتربول ، و ليس مجرد وزير داخلية سابق و متهم في قضايا عدة ..
محكوم عليه باثني عشر عاماً و البقية تأتي !
* المشهد يكرر نفسه تقريباً مع علاء مبارك مع ابتسامة أخف و مصافحة أقل حرارة لشخص آخر ، مع احترام مبالغ فيه ، لا نجده مع أي متهم عادي ، حيث يتم اقتياده بمنتهى الأدب و اللباقة و كأنه ملك مبجل ، و في منتصف المسافة يقوم علاء بك مبارك بوضع يده على كاميرا التصوير ( شوف الكسوف ) و حرمنا من رؤية وجهه الوسيم الذي لا ينافس بريقه سوى توم كروز فحسب .
و كل هذا و هو ممسك بمصحف الله الشريف بيديه ، و كأنما أصبح فجأة الشيخ علاء .
بالطبع الله أعلم بالنيات ، و لكن أين كان هذا الإيمان سابقاً ؟!!
أين كان هذا الإيمان عندما نهبتم أموال الشعب قرشاً قرشاً ؟!!
أين كان هذا الإيمان عندما زهقتم الكثير من أرواحهم و سفكتم الكثير من دمائهم ؟!!
ألم يظهر ذلك التمسك بكتاب الله سوى الان ؟!!
* و بالطبع مشهد دخول شقيقه جمال مبارك بنفس الثقة و الغرور مع وجه جامد لا ترتسم عليه أي ابتسامات .
* و الان حان دور المشهد الاكثر إثارةً للضحك من بين المشاهد الهزلية العديدة ..
ذلك المشهد داخل قاعد المحاكمة عندما قال جميع المتهمين " أنكر جميع التهم الموجهة إلي "
هنا ، يُطرح سؤال بالغ الأهمية :
من إذن المذنب و المتسبب في هذه الكوارث ؟!
ربما أنا ؟
ربما انت عزيزي القارئ ؟
من يدري ؟!
و لكن ألم تلحظوا معي شيئاً غريباً ؟!
و هو ذلك التناقض المدهش بين جلوس الرئيس السابق بوهن على ذلك السرير ، وبين لهجته الصارمة و القوية أثناء إنكاره لتلك التهم ؟
و الان لو كان حقاً بهذا الضعف ، فكيف كان يحكمنا طيلة ثلاثون عاماً إذن ؟ كيف ظهر في ذلك الخطاب الذي سبق التنحي بيوم واحد فحسب ؟!
هل أخذ المرض يشفق من أن يصيبه أثناء حكمه لنا فتنهار مصر و ينهار شعبه المسكين ، فانتظر رحيله عن الحكم ، ثم أنقض عليه ؟
من يدري ؟!
------------------------------​------------------------------​----------------
كم أتعجب عن هؤلاء الذين يدافعون الرئيس السابق حقاً ؟!
آمنت دوماً بمبدأ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ..
و أنه ما من شخص ما أو رأي ما ، يجمع عليه جميع الناس ..
و لكني لم أعتقد يوماً إمكانية أن يوجد خلاف على هذا قط ..
كيف لشخص ما مهما كان مكانته أن يفلت من العقاب ؟
انها كارثة بحق !
فيهذا نحن نفسح المجال لأي رئيس قادم مستقبلاً بأن يأتي و يفعل ما يشاء دون رقيب أو حسيب ، و ينهي حكمه بهدوء دون أن يجرؤ أحد على محاكمته بحجة أنه رئيس !
كيف بالله عليكم يُعقل أن نتغاضى عن تنفيذ حدود الله ؟!
تذكروا الواقعة الشهيرة في عهد رسول الله - صلى الله عليه و سلم - عندما حُكم على امرأة من أشراف القوم بقطع يدها ..
و خاف قومها من العار فأخذوا يبحثون عن شخص يتوسط لهم عند رسول الله فرفض جميع من طلبوا منهم ، و لكن بعد ضغط شديد على أسامة بن زيد - رضي الله عنه - وافق ، فذهب لرسول الله (ص) ليطلب منه العفو عن تلك المرأة و توقع منه الموافقة ، و لكنه إذا برسول الله يغضب بشدة و يقول لأسامة : هل تشفع في حد من حدود الله ؟
ثم ذهب ليخطب في المسلمين و قال صلى الله عليه و سلم :
( إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )
ما قولكم الان ؟
------------------------------​----------------------------
كم أضحك كثيراً عندما يقول البعض أن الرئيس السابق ليس مذنباً أصلاً لتتم معاقبته !!!
لم أستطع أن أهضم تلك العبارة قط !
بأي منطق يكون غير مذنب ؟
و هل هو برئ من أي تهمة بالضبط ؟ في قائمة الاتهامات الطويلة تلك و التي لا يسعنا الوقت لذكرها و لكن أعتقد انه لا احد يجهلها بعد جلسة اليوم ؟
هل هو برئ من تهمة قتل المتظاهرين حقاً ؟
كيف لم يكن على علم بتلك الأوامر بقمعهم و سحقهم سحقاً !
و لنفرض أنه برئ من تلك التهمة ؟
هل هو برئ من تهمة تدمير أحوال البلاد من جميع الجوانب ؟
تدمير اقتصاد البلاد ..
تدمير أحوالها الاجتماعية ..
تدمير أحوالها السياسية ..
و غيرها من الكوارث الأخرى ..
سيقول البعض أن لا علاقة له بهذا و أن كل هذا الفساد ناجم عن الوزراء و المعاونين و غيرهم ..
هذه في حد ذاتها نكتة كبيرة ..
و كارثة أخرى أيضاً ..
فكيف بأي حال من الأحوال ألا يعلم رئيس جمهورية بكل سلطاته بأحوال البلاد و بما يفعل وزراؤه و معاونيه و أبنائه فيها ؟
هذه ليس مبرراً ، بل تهمة جديدة تضاف إلى قائمة الاتهامات الطويلة ..
أليس هو من عينهم ؟
أليس هو من اختارهم ؟
أليس هو و أبنائه و وزراؤه و معاونيه السبب في تدمير مصر عن بكرة أبيها ؟!
تدمير كل آمال مواطنيها في الحياة حياةً كريمة ..
تدمير آمال الشباب في العثور على عمل يناسب مؤهلاتهم ..
تدمير آمال كل مسن بأن يجد الرعاية الصحية الصحيحة ..
تدمير آمال كل مريض بأن بجد الدواء السليم ..
تدمير كل آمال مصر في الرقي و اللحاق بركب التقدم ؟
أليس هم السبب في إراقة الدماء المصرية الطاهرة ؟! و ذلك كله لأن أرادوا التعبير عن رأيهم بحرية تامة ؟
تخيلوا معي ما الذي كان سيحدث لو لم تنجح الثورة ؟!
حياتنا كانت ستتحوا إلى جحيم حقيقي أكثر من سابقه ؟
ألم تشفقوا على مصر منهم ؟
ألم تشفقوا على أبناء مصر من أهلكم منهم ؟
هذا هو السؤال :
علم من تشفق أكثر ؟
حسني مبارك الرئيس السابق ؟
أم أبناء مصر ؟
اترك لكم الإجابة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;