بحث في المدونة

الجمعة، 27 أبريل 2012

خيال .. علمي ( مقال قصير )


فضائيون ، أطباق طائرة ، رحلات حول الزمن ، و بشر خارقون .. إلخ .
مواضيع مثيرة أصبحت تتصدر عناوين الكثير الروايات المعاصرة و إن اختلفت في أسلوب التناول و السرد و لكنها تتفق حتماً في أصل الفكرة و جذرها .
و رغم أن هناك العديد من الأفكار التي كٌتبت فيها مئات الروايات و المجلدات و لكنها تتباين قطعاً من حيث تمكن الكاتب و قدرته في معالجته لأحداث روايته ليخلق داخلها نوعاً من الابتكار و ليمزج بحنكته تلك الأفكار القديمة و التي ربما تكون تقليدية أو مستهلكة مع فكرته الجديدة و بصمته الخاصة التي تنتجها قريحته ، لتقرأ رواية تستطيع أن تفوح بذاتها عن نكهة كاتبها .
و لكن ما هو أدب الخيال العلمي في الأساس ؟ و متى بدأ ؟
أدب الخيال العلمي بتعريفه المبسط هو ذلك النوع من الأدب الذي يتناول أفكاراً و يذكر ابتكاراتَ قد تبدو للأذهان أنها خياليةً وقت كتابتها و لكنها في الحقيقة قابلة للتحقق مستقبلاً و ذلك لأنها – غالباً – ما تكون مبنية على أسس علمية حقيقية . 
و قد مر ذلك النوع من الأدب بالعديد من المراحل و الأطوار المختلفة عبر التاريخ و له العديد من الرواد و الأباطرة مثله مثل أي نوع آخر من الأدب .
 و لا يمكن لأي شخص الجزم بزمن محدد لانطلاق تلك النوعية من الكتابات ، و لكن نستطيع القول أن البداية الحقيقة لأدب الخيال العلمي كانت مع الكاتب الفرنسي الشهير جول فيرن الذي نشر أول رواياته " رحلة إلى انجلترا و إسكتلندا " عام 1859 و لكنها لم تحظى مثلها مثل الروايتين اللاحقتين له بنفس الشهرة التي نالتها أعماله الخالدة و التي أستطاع فيها الوصول بخياله الاستثنائي إلى العجائب التي لم يجرؤ العلم على مجرد الحلم بها فحسب .
 و منها – على سبيل المثال وليس الحصر - : خمسة أسابيع في منطاد و رحلة إلى مركز الأرض و من الأرض إلى القمر و عشرون ألف فرسخ تحت البحر وحول العالم في 80 يوماً .
فمن كان يتخيل و قبل نشر روايته " من الأرض إلى القمر " أن يصل بنا التطور التكنولوجي يوماً ما ،  لتلك الدرجة التي تسمح لنا باختراق حاجز أرضنا المألوفة و الهبوط على أرض ذلك القرص الفضي اللامع المسمى بالقمر ، و التي كانت تقتصر علاقتنا به على اهتداء الملاحين و القباطنة به في رحلاتهم و على اقتباس العاشقين منه في إلهامهم .
و لكن الآن أصبح صاروخ فيرن الفضائي في " من الأرض إلى القمر " و غواصته النووية  في  " عشرون ألف فرسخ تحت البحر " حقيقة واقعة و ملموسة ، بل وصلنا الأن إلى ما هو أكثر تطوراً من إبداعات عقله ، بعد أن كانت في يوم ما خيالاً محض .
 و كانت روائع فيرن هي فقط الفتيل الذي أشعل قرائح الأدباء من بعده ليحملوا عنه الراية و يستكملوا طريق تطوير ذلك النوع الرائع و الراقي من الأدب ، فجاء من بعده العديد من الكتاب و الذي تركوا بدورهم آثاراً بارزة و إرثاً ثميناً في ذلك المضمار مثل : آرثر كلارك و هربرت جورج ويلز و غيرهم .
و هذا الأخير مثلاً  خرج إلينا بالعديد من الروايات المبهرة أبرزها آلة الزمن و الرجل الخفي و حرب العوالم ، تلك الروايات التي كانت طفرة جديدة و مذهلة في عالم الخيال العلمي و إن ظلت أفكار رواياته حتى يومنا هذا مجرد خيال لم يتحقق منه شيئاً على عكس روايات فيرن .
فبرغم خروج آينشتاين بعدها بنظريته النسبية ، إلا أن فكرة السفر عبر الزمن و التي تناولها في روايتها " آلة الزمن " مازالت مستحيلةً و خيالاً جامحاً في المستوى العملي رغم إثباتها على الصعيد النظري .
و على النقيض من تفجر ذلك الكم الهائل من الإبداع في مجال الخيال العلمي حول العالم ، لم يكن لعالمنا العربي للأسف نصيباً كبيراً في ذلك النوع من الأدب و إسهاماتنا فيه من المبدعين قليل جداً مقارنةً به في أوروبا و الدول العظمى التي له فيه نصيب الأسد .
ففي مصر مثلاً أكاد لا أذكر كتاباً أبدعوا في ذلك الأدب اللهم إلا عدداً لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة منهم الكاتب الراحل نهاد شريف .. و كل من د. نبيل فاروق و د . أحمد خالد توفيق و الذين يسطران حالياً في مجالهم سيطرةً مطلقة بإنتاجهم الغزير و المتميز ، فمن الآن يمكنهم مجاراتهم أو مضاهاتهم ؟
و لكننا نأمل الآن و بعد ثورات الربيع العربي أن يتغير الحال للأفضل بإذن الله ، مع تنشئة الأجيال الصاعدة على ضرورة إعمال العقل و الخيال حتى يتمكنوا من إخراج نزعاتهم الإبداعية المكبوتة .
الآن يجب على دور النشر أن تقوم بدورها من إتاحة المزيد من الفرص للشباب ممن لديهم الموهبة و البذور الطيبة في إخراجهم إلى عالم الأدب ، ؟ فقد يكون من بينهم جول فيرن أو ويلز جديد ؟؟ من يدري ؟
-----------------------------------------------------------------------------------------
AHMED MOUSA / AHMEDHOLZ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;