بحث في المدونة

الثلاثاء، 21 يونيو 2011

رائد

القصة طويلة بعض الشئ لذلك يمكن تحميلها على صيغة PDF من هذا الرابط :
http://www.mediafire.com/?ubb1i3gp5jo8ebj
1 -الحلم
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
" ابنكما لديه نشاط جم و طاقة كبيرة "
" انت محق من الصعب أن توقف حركته "
" عليه أن يستثمر تلك الطاقة فيما يفيد عندما يكبُر "
--------------------------------------------------------------
" انت موهوب حقاً يا رائد و لديك قدرات عقلية و بدنية عالية "
" شكراً لك يا أستاذ "
" واجبك تنميتها و استثمارها ، بهذا أتوقع لك نجاحاً باهراً فيما يفيد البشرية "
يفيد البشرية
يفيد البشرية
يفيد البشرية ..........................................................
--------------------------------------------------------------
ترددت الكلمة الاخيرة مرات عديدة في ذهن رائد و هو يستعيد أفضل ذكريات حياته  .
كان كل من يراه دوماً يُعجب به و بذكائه و بقدراته البدنية الفريدة .
و تنبأ له جميع أساتذته في مختلف مراحله الدراسة بمستقبل باهر و أنه سيكون ذا شأن يوماً .
استعاد ذهنه كل هذه الافكار بسرعة ، ثم غرق مجدداً في بحر الذكريات و ربما لأخر مرة في حياته ......
--------------------------------------------------------------
" إلام تنظر يا بُني "
" أنظر إلى النجوم و إلى القمر ، إلى هذا الفضاء الواسع و الذي ينتظر من يستكشفه "

" لديك مقدار كبير من العلم يا ولدي فعدني على استثماره فيما يفيد البشرية "
" أعدك يا أبي "
عمت السعادة وجهي كل من والدة رائد و أخته بعد أن عاد رائد بنتيجة الثانوية العامة و قد حصل على درجات تؤهله أي كلية يتمناها .
و قال رائد محدثاً عندما سألاه عن رغبته اياهم مستغلاً هذا الجو البهيج :
" لقد قررت بالفعل و اخترت طريقي .
قال الام متسائلةً : خيراً يا ولدي ؟
رد رائد : لقد قررت أن أكون رائد فضاء  
قالت الاخت و هي تقهقه ضاحكة :
دعابة لطيفة يا رائد ، و هل لأن اسمك رائد من الضروري أن تكون رائد فضاء ؟
قال رائد في حزم : أنا لا أمزح يا ريم أنا جاد في كلامي بالفعل .
قالت ريم و قد تلاشت ابتسامتها و تحولت إلى عبوس غاضب : ماذا تقول يا رائد ؟ هل تريد أن تٌضيع كل مجهوداتك و كل ما أنفقه والدنا – رحمه الله – بما ستفعله هذا ؟
قال رائد : و من قال ان مهنة رائد الفضاء ستضيع كل هذا يا أختي ؟ انها مهنة عظيمة تتيح لنا اكتشاف خبايا هذا الكون و إعجاز الخالق فيه ، انها مهنة عظيمة .
قالت الأم هذه المرة في غضب : يا رائد انها مهنة لا تسابنا مطلقاً .
التفت رائد إليها متسائلاً : و لما لا يا أمي ؟ لما لا ؟!
قالت ريم : لأننا حتى لا نملك محطات فضاء في بلدنا .
قال رائد : و ما المشكلة في هذا ؟ كم من رواد فضاء عظماء برزوا بدون أن تكون بلدهم من دول الفضاء .
لقد خططت للأمر جيداً ، في البداية أدرس في الجماعة ، و سأجتهد للحصول على أعلى الدرجات ، ربما أعمل في وظيفة بسيطة في البداية ، و لكني واثق أن مجهوداتي لن تضيع سُدى أبداً .. أبداً .
قالت الام في استسلام : وفقك الله يا ولدي فيما تريد مهما كان .
--------------------------------------------------------------
" آنسة هدى "
بهاتين الكلمتين استوقف رائد هدى أحد زميلاته في الجامعة و جارته أيضاً فالتفتت إليه بسرعة توحي بأنها كانت تنتظر هذا قائلةً : أهلاً يا رائد ، هل ترغب بشيء ما ؟
قال رائد : في الحقيقة أود أن أشكرك على مساعدتك لي بالمحاضرات التي كانت تفوتني  ، و أود أن أعتذر ان كنت قد سببت لك أي إزعاج ، فلقد تغيبت كثيراً في الفترة الأخيرة لمرض والدي .
قالت هدى و قد بدا علي وجهها خيبة الامل : لا تقل هذا ، هذا واجب الزملاء ، و أنا لست زميلتك فحسب بل جارتك أيضاً .
قال رائد : شــ... شكراً
قال و كأنما تتشبث بأدنى أمل : هل .. هل تريد شيئاً أخر ؟
قال رائد في تردد : نــ... نعم
قالت و قد انتفض قلبها بشدة : ماذا ؟
قال رائد بتلعثم : في ... في الحقيقة ، كنت أرغب في ... في ...
قالت هدى تستحثه على المتابعة : ماذا يا رائد ؟ اسرع من فضلك ، فلقد تأخرت
قال رائد في سرعة و كأنما قد حسم من أمره :
في الحقيقة كنت أتساءل ان كنت تستطيعون استقبالي أنا و امس يوم الخميس القادم .
ابتسمت هدى في مزيج من السرور و الخجل و تنفست الصعداء و هي تقول : بلى ، بالطبع يمكننا المجيء في أي وقت ، فأنت لست ضيفاً .

قال رائد في سعادة غامرة : إذن سأخبر أمي و أختي و سنأتيكم في تمام  السابعة ، و آمل أن أجد لديكم مشروب كريم الصودا فأنا أحبه كثيراً .
 " لقد حصلت على الدكتوراه يا أمي "
قالها رائد و هو يواجه أمه بسعادة بالغة
فقالت الام بسعادة غامرة : حقاً ؟!
قال رائد و قد كاد يطير فرحاً : نعم و أخيراً بعد كل هذه السنوات من التعب و الاجتهاد ، و الان سأذهب لأبشر هدى .
قال ريم : لا أريد أن أفسد عليك أفراحك يا أخي و لكن هل ستزيد الدكتوراه من راتب عملك في ذلك المرصد الفضائي ؟
قال رائد في ضجر : أنت لا تفكرين سوى في المال ، فكري قليلاً في المجد العلمي ، لقد تعلمت الكثير و الكثير لأحصل على الدكتوراه و هذا سيفديني كثيراً في أبحاثي .
قال ريم ضجر أكبر : و هل ستفيدنا أبحاثك تلك عندما لا نجد ما نأكله !!!
قال رائد في حنق : الكلام معك لا يفيد أبداً يا عدوة العلم .
قال ريم : أنا لست عدوة العلم ، لكني عدوة الجوع
قال رائد في تحدِ : إذن لا مصروف هذا الشهر جربي ، إذن طعم الجوع .
قال ريم في فزع : من يهتم بالطعام ، العلم ثم العلم ثم العلم ، العلم هو مقياس تقدم الامم ..... انتظر قليلاً انت لم تعطني المصروف بعد ، النجدة يا أمي
--------------------------------------------------------------
" و الفائز بجائزة الدولة في علوم الفضاء و الاجرام السماوية هو : ( د. رائد جمال )
لم يكد رائد يسمع اسمه حتى قفز من مقعده بعنف كالأطفال ، حتى أنه أخذ ينظر حوله خجلاً ، ثم صعد إلى منصة التكريم ليتسلم جائزته .
و ما ان تسلمها حتى سأله المذيع قائلاً : هل ترغب في قول شيء يا د. رائد ؟
قال رائد : أود أن أحمد الله على هذه الجائزة ، فهي تكريم لمجهوداتي طوال فترة دراستي

لقد اقتحمت هذا المجال برغم معرفتي بأنه غير شائع في بلدنا و برغم .. انتقادات البعض . قالها و أختلس نظرة إلى أخته - التي كانت جالسة مع والدته و صديقه سامح وسط الجمهور  - فأخفضت رأسها في خجل فتابع : و أود أن أهدي تلك  الجائزة إلى روح والدي – رحمه الله – الذي تعب كثيراً من أجل توفير النقود لمشواري التعليمي  و أن أشكر كذلك والدتي و أختي و مخطوبتي و صديقي الذين ساندوني كثيراً .
و أخيراً أقول : مهما كان حلمك مستحيلاً لا تتنازل عنه أبداً ، تمسك به إلى النهاية ، فحتماً سيتحقق بإذن الله .
عاد رائد إلى منزله مبكراً بساعة كاملة مما أثار دهشة كل من والدته و أخته و مخطوبته – التي كانت في زيارة لهما – مما دفع رائد بأن يقول : انظروا إلى هذه الورقة
اختطفت ريم الورقة بسرعة : و قرأت ما فيها و لم تكد تنتهي من قراءتها حتى قالت لرائد في سرور و هي تناول الورقة لهدى : لا اصدق ما أرى ، هل أنا في حلم
قال رائد : بل صدقيه يا ريم  لقد نجحت أخيراً
قالت : أعتذر منك يا رائد لقد هاجمتك كثيراً و شككت في قدراتك ، مبارك لك .
قال رائد ضاحكاً : أنا أعرف بأن هذا الكلام الانيق هدفه زيادة المصروف ، و بكل دبلوماسية سأضاعفه له .
في هذه اللحظة كان هدى قد انتهت من قراءة الورقة هي الاخرى و قالت بتأثر : أخيراً سنتزوج يا رائد أخيراً .
ابتسم رائد و هو يقول : نعم أخيراً يا هدى ، أخيراً بعد كل هذه السنوات .
و انتهت والدته بدورها من قراءة الورقة فقفزت قفزة لا تتناسب قط لتحتضن ابنها مع عمرها و هي تقول باكيةً : لم أشك يوم فيك يا ولدي كنت دائماً مؤمنة بقدراتك ، لقد كان الناس يحسدوننا عليك دوماً ، و لقد تنبئوا لك بمستقبل باهر و أنت لم تخيب آمالهم قط .
قال رائد بتأثر : رويدك يا أمي لا تبكي أرجوك ، هذا ضار بصحتك  .
و سقطت الورقة من يدها تلك الورقة التي حملت السعادة لهم جميعاً ورسمت البسمة على وجوههم و قد كان نصها :

يسر إدارة وكالة ناسا لأبحاث الفضاء أن تتقدم للسيد رائد جمال محمد بعرض للعمل كرائد فضاء في الوكالة براتب قدره عشره الاف دولار شهرياً ، بالإضافة إلى المكافئات و ذلك بعد الخضوع للاختبارات اللازمة.  
في حالة الموافقة يرجى إخطارنا برسالة عبر البريد الالكتروني المرفق مع تقديم كافة الاوراق اللازمة .
و سيتم إرسال تذكرة السفر مع استخراج التصاريح و التأشيرات اللازمة 


2 – و تحقق الحلم
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
" لا استطيع تحمل ابتعادك عنا يا ولدي "
قالتها والدة رائد وهي تبكي بشدة . فقال رائد محاولاً التخفيف عنها  :أرجوك يا أمي لا تبكي ، فكري في ما يمكنني تحقيقه و في المال الذي سأجلبه لكم ، لقد كنت سعيدةً جداً عندما عرفتي بهذا العرض .
قالت الام و هي تحاول التماسك : انت محق يا ولدي ، هيا امضي قدماً نحو المزيد يا ولدي و ارفع رأسنا في الخارج ، هيا .
ابتسم رائد ابتسامة واسعة و يعد بقولها هذا ثم انتقل إلى توديع أخته ريم قائلاً : لا تقلقي سأرسل إليك مصروفك المضاعف مع بداية الشهر تماماً بدون أي تأخير .
قالت مبتسمة : و هل تقدر على تأخيره ؟
ابتسم ثم التفت إلى هدى قائلاً : لا تقلقي ، سأدخر كل ما استطيع من مال لنتزوج بأسرع وقت .
قالت هدى و هي تحاول مقاومة دموعها : و أنا أنتظر ذلك اليوم على أحر من الجمر .
و أخيراً التفت إلى صديقه سامح و هو يستوصيه قائلاً : ارجوك يا صديقي انتبه إليهم جيداً و اعتبرهم مثل أهلك .
قال سامح و هو يربت على كتفه : انهم اهلي بالفعل يا رائد ، انطلق انت و لا تقلق من أي شيء .
ربت رائد على كتفه ممتناً ثم توجه نحو الطائرة و هو يلوح لهم بيده مودعاً .
و صعد رائد إلى الطائرة

و مع العديد و العديد من الأحلام و التي يتمنى تحقيقها ...
" مبهر يا رائد "
قالها مدير مركز التدريب الكس بوكالة ناسا الفضائية محدثاً رائد الذي خرج من غرفة تدريبات الرواد الجدد .
ثم تابع قائلاً : لقد اجتزت كل الاختبارات و اديت كل التدريبات ببراعة منقطعة النظير ، بمعدلات أفضل من هم أكثر خبرة منك حتى .
قال رائد متسائلاً : هل يعني ذلك انني جاهز للذهاب في رحلات استكشافية خارج الأرض ؟
قال المدير مبتسماً : نعم ، انت الان مهيئ تماماً لذلك .
قال رائد في فرحة غامرة : أشكرك كثيراً يا سيدي ، و أرجو منك أن تكتب تقريراً بهذا في أسرع وقت ممكن .
قال الكس وهو يتوجه إلى مكتبه : اتبعني .
تبعه رائد حتى وصل إلى باب زجاجي أنيق فتحه الكس ببطاقة ليزرية . و في الداخل لم تكن الغرفة أقل اناقة من الباب ، يكفي القول بأن كل ما يمكن من الزجاج كان موجوداً بالداخل.
جلس الكس على مقعده و دعا رائد إلى الجلوس ، ثم أختطف ورقةً و قلماً و أخذ يخط عليها الكلمات و أخيراً ذيلها بتوقيعه و ختم الوكالة .
ثم أعطاها لرائد قائلاً : خذ يا رائد خذ .....
اختطف رائد الورقة و قرأها بسرعة ، و ما أن انتهى من قراءتها حتى تهللت أساريره و قال للمدير : شكراً جزيلاً لك يا سيدي على التقرير .
قال الكس مبتسماً : بل شكراً لك أنت يا رائد.. شكراً جزيلاً لك .
قال رائد متعجباً : لما تشكرني يا سيدي ؟!
أجاب الكس : لأنك وافقت على العمل هنا يا رائد ، لقد ظفرنا برائد فضاء لا مثيل له ، هيا امضِ في طريقك يا فتى .

خرج رائد من مكتب المدير بعد ان بلغت فرحته مداها ، ثم اخذ يقفز كالمجنون ( بعد أن تأكد من عدم متابعة أحد له هذه المرة ).
عبرت تلك الذكريات السعيدة ذهن رائد بسرعة خاطفة أثناء جلوسه وحيداً في مركبة الفضاء التابعة لوكالة ناسا في رحلته الأولى في الفضاء تلك الرحلة العجيبة و ذلك لأنها كانت ، الرحلة الأولى .... و الأخيرة في وقت ذاته !!!
جلس رائد صامتاً في المركبة تتجه به إلى مصير واحد  ....  الموت المحقق .
 جلس يستعيد تلك الذكريات .
الذكريات التي أسعدت قلبه و أبكته في الوقت ذاته ، و لكنه استسلم لها لأنها أراحته بصورة غريبة ، و وسط تلك الذكريات السعيدة تسللت تلك الذكرى السيئة الخبيثة و الأخيرة في حياته ، تلك الذكرى التي وضعته في هذا الموقف الذي لا يُحسد عليه ، التي جعلته يجلس مستسلماً بانتظار الموت المحقق تلك الذكرى التي جعلته يكره حلمه الكبير بأن يصير رائد فضاء  .

دست تلك الذكرى نفسها وسط ذكرياته السعيدة و بذلت قصارى جهدها للتسلل إلى عقله ، و لكن رائد لم يستسلم بسهولة ، بل أخذ يقاوم بكل ما أوُتي من قوة ليمنعها من تحقيق رغبتها لكنها كانت أقوى منه ، كانت أكثر شراسة ، أبت أن تخرج من الصراع مهزومة ، فلم يجد بداً من الاستسلام لها ، و انسابت هي إلى عقله في صمت .
" الشهر القادم "
قالها رائد لهدى في سعادة ثم تابع قائلاً :
كل شيء جاهز ، لقد اشترينا كل ما نحتاج ، لذلك سيكون حفل الزفاف مع مطلع الشهر القادم ، ما رأيك ؟
قالت هدى بسعادة بالغة و هي تصفق بكفيها في جذل : موافقة تماماً .
قال رائد : سأذهب الاسبوع القادم لحضور اجتماع طارئ لرواد الفضاء في الوكالة ، و سأعود بسرعة لاستكمال التجهيزات .
لم يدر و هو يقولها انه ليس فقط مجرد اجتماع طارئ لرواد الفضاء بل انه اجتماع لاختيار الشخص الذي يقبل بوضع توقيع مكروه و على ورقة مكروهة ، لاختيار شخصاً يقبل التوقيع على ........

.... شهادة وفاته


3 – رحلة الموت
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
كان الاجتماع المنتظر عادياً من حيث الشكل و لكنه لم يكن كذلك على الإطلاق من حيث المضمون .
كان عدد الحاضرين كبير نسبياً بالنسبة إلى هذا النوع من الاجتماعات و كان يرأس الاجتماع – على غير المعتاد - مدير الوكالة شخصياً ، و كان يجاوره مدير مركز التدريب .
 و طوال دقائق الاجتماع الاولى لم يتفوه أحد بكلمة على الإطلاق ، و ساد القاعة صمت مُهيب ، و أخيراً بعد مدة لا تقل عن الدقائق الخمس ، تحدث مدير الوكالة بعد أن تنهد بعنف : لست أدري بماذا أبدأ ، و لكن لا يسعني سوى أن أقول أن الأرض في وضع لا تٌحسد عليه أيها السادة .
أثارت جملته هذه موجة من القلق الشديد في نفوس الحاضرين .
فتساءل أحد الحاضرين من الرواد : ماذا تقصد يا سيد إدوارد ؟ أقلقتنا !
قال السيد إدوارد : سيوضح مدير مركز الرصد السيد ويليام بالأمر كاملاً.
و ما أن أنهى السيد إدوارد عبارته حتى تقدم من خلفه رجل نحيل و طويل القامة أشيب الشعر بالكامل و يحمل عصا رفيعة قال : سأوضح لكم الامر على هذه الشاشة أيها السادة .
لم تكد عبارته تكتمل حتى اشتعلت الشاشة المقابلة لهم بصورة للفضاء الواسع ، فأشار بعصاه على الشاشة فظهر صورة مجسمة لكوكب الارض وسط هذا الفضاء السرمدي الممتد إلى ما لا نهاية .
و بمجرد ظهور الارض على الشاشة قال ويليام : كما ترون هذه صورة مجسمة للأرض عند رؤيتها من الفضاء . قالها ثم ضغط مجدداً على الشاشة بعصاه فتقلصت زاوية الرؤية و تقلص حجم الأرض في الصورة و ظهرت مساحة أكثر اتساعاً من الفضاء السرمدي الواسع الممتد حول الارض ، و ضغط ضغطة ثالثة ، و مرت بضع ثوانٍ بدون أن يتغير شيء في الصور ، و فجأة و بدون سابق انذار ، ظهر حجر بني اللون ، غريب الشكل ، كبير الحجم نسبياً ، متعرج الحواف ، تيقنوا من أنه نيزكاً ضخماً .
و اتجه الحجر في مسار متعرج عجيب نحو الأرض مباشرةً .
و أخذ يلتهم المسافة بينه و بين الارض في نهم شديد .
و أخيراً حدث ما هو المتوقع تبعاً لمساره ...
...  اصطدم بالأرض
و برغم أن الاصطدام كان افتراضياً لا يتجاوز حدود الشاشة الرقمية و لم يحدث على أرض الواقع ...
إلا أن أجسام جميع الحاضرين قد ارتجفت في عنف
ففي الصورة تدمر نصف الكوكب تقريباً ، و قد اثار ذلك تعجب الرواد لأن ذلك النيزك برغم ضخامة حجمه ، لم يبدُ عليه أنه قادر على تدمير نصف الارض بهذه الصورة المخيفة !
و بعد دقائق أخرى من الصمت المتوتر قال ويليام في اسى : أظن أن واضح أمامكم أيها السادة .
قال رائد : أعذرني يا سيد ويليام و لكن هل يمكنني التحدث ؟
قال ويليام : و لكن ، من أنت يا هذا ؟
عند هذه النقطة تدخل السيد الكس قائلاً : انه رائد من مصر احد الرواد المنضمين حديثاً ، و لكن موهوب بطريقة لافتة للنظر .
قال السيد ويليام : حديثاً ؟! لهذا لم أرَك قبلاً إذن ، حسناً تكلم يا رائد .
قال رائد : لماذا لا نوجه صاروخ ما نحو هذا النيزك و نفجره و نتخلص من هذا الكابوس ؟!
قال ويليام في ضجر و هو ينظر إليه نظرة معلم تلقى من أحد تلاميذه سؤال غبي : توقعت هذا السؤال .
ثم استطرد قائلاً : هل تعتقد أننا لم نفكر في هذا الأمر قبلك ؟ بل فكرنا في هذا بالفعل بل و توصلنا إلى أن هذا أفضل حل لأن حجم النيزك الكبير سيؤدي إلى ابتعاد الشظايا الناتجة على الانفجار بعيداً ولقد أطلقنا ثلاثة صواريخ بالفعل ، و لكن ...
فقال رائد في تساؤل : و لكن ماذا يا سيد إدوارد ؟
أثارت كلمته الاخيرة تلك موجة من التوتر بينهم ، فتابع قائلاً :  لم يُصِب صاروخ واحد هدفه .
قالها و توجه و ضغط بالعصا على الشاشة مجدداً فظهرت كوكب الارض مجدداً في الفضاء السرمدي الواسع و النيزك يتوجه إلى الارض و لكن بعض ثوانٍ خرج من كوكب الارض شكلاً مجسماً لصاروخ ضخم يتوجه نحو النيزك في سرعة و أخذ الصاروخ يقترب من النيزك
 و يقترب ...
 و يقترب ...
حتى أصبح على بعد ضئيل جداً من النيزك و فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان غير النيزك من موضعه و انحرف عن مساره ليتفادى الصاروخ  .... نعم عزيزي القارئ انت لم تُخطئ القراءة ، لقد تفادى النيزك الصاروخ  ، في تحدٍ سافر لكل قوانين الطبيعة المعروفة.
و عاد الصمت مجدداً للقاعة .
 و لكنه كان يحمل نكهة ً مميزةً جداً هذه المرة

.... نكهة الموت
" مازال هناك أمل واحد "
قالها السيد إدوارد
فعاد الدم إلى وجوه الحاضرين بعد أن أوشك على الاختفاء تماماً .
فتساءل رائد : و ما هو ذلك الامل يا سيدي ؟
قال ويليام : هذا الامل هو السبب في هذا الاجتماع .
صمت برهة ثم تابع : لا مفر من التضحية .
قال أحد الحاضرين : ماذا تعني يا سيدي ؟
قال ويليام : لدينا نوع من الصواريخ كبير الحجم و عندما يقترب من هدفه بمسافة كافية ينقسم إلى عدة صواريخ بلاستيكية أصغر حجماً و أكثر ضغطاً و تنقسم هي بدورها بحيث يطوقون الهف من كل الجوانب و تصبح إصابته حتمية .
و لكن المشكلة ان إطلاقه غير ممكن من هنا لذلك لا حل سوى إرسال أحدكم في مركبة فضائية مجهزة ، ليفجر النيزك ، و لكنه ....
ثم صمت لثوانٍ بدت للجميع كدهر قبل أن يتنهد بحراره و هو يتابع :
سينفجر مع النيزك أو على الاقل ستصيبه أحد شظاياه للأسف .

أثار قوله هذا القلق في نفوس الرواد .
فقال ويليام :
بصراحة نحتاج من أحدكم بالقيام بهذه المهمة النبيلة ؟ من أجل الارض و من أجل البشرية ؟
فهل نجد فيكم ذلك الرجل ؟
سادت حالة من الوجوم و الترقب في القاعة ، مما دفع ويليام بأن يقول : تذكروا أن الموت آتٍ لا محاله ، فالكارثة ستحل  والأرض فانية لو لم نحاول درء ذلك الخطر0

 و لكم الاختيار لكم بين الموت يائسين ، أم الموت بشجاعة من أجل منح الحياة لغيركم .
---------------------------------------------------------------------
" لديك مقدار كبير من العلم يا ولدي فأحرص على استثمارها فيما يفيد البشرية "
" أعدك يا أبي "
ترددت في ذهن رائد تلك الكلمات من حديثه القديم مع والده
مما جعله يحسم من أمره و يتخذ قراره ...
... الأخير
   " أنا سأذهب "
قالها رائد في حسم بعد، فالتفت جميع الحاضرين إليه بنظرة تحمل مزيجاً من الدهشة و الإعجاب ، و قال له ويليام في سرعة و كـأنما يخشى أن يغير من رأيه : هل هذا قرارك الاخير ؟
قال رائد في حزم : بلى .
أشار إليه ويليام قائلاً : إذن اتبعني أنا و السيد الكس .
تبعهما رائد ، بينما أشار السيد إدوارد لباقي الرواد بالانصراف .
حتى وصلا إلى باب مفتوح و كأنما كان ينتظر هو الاخر قدومهم ، و في الداخل كانت هناك قاعة واسعة وشاشة عرض تشبه إلى حد كبير نظيرتها في قاعة الاجتماع باستثناء اختلافها في اللون و الحجم فقد كانت أصغر قليلاً .
و انتظروا بضع ثوانٍ لحين وصول السيد إدوارد ، حتى دخل فأغلق الباب خلفه .   
و بمجرد إغلاق الباب ، قال ويليام محدثاً الكس : أولاً ، اسألك يا سيد الكس ، هل انت واثق أن رائد مُهيئ تماماً لتلك المهمة ؟
قال الكس : تمام الثقة ، برغم انه لم يقم بأي رحلة للفضاء من قبل .
ارتفع حاجبا كلاً من ويليام و إدوارد في دهشة بالغة  ، و قال الثاني مستنكراً : و كيف نرسل شخصاً لم يرى الفضاء قط إلى مهمة كهذه ؟!
قال الكس : اؤكد لكما انه مؤهل تماماً و قادر على إنجاز المهمة ، و أضمن لكما ذلك .
قال إدوارد في شك : المهمة لا تحتمل المخاطرة او التجربة يا سيد الكس .
زفر الكس في عمق قال الكس : ليس لدينا خيار آخر على أي حال .
قال ويليام : انت مُحق يا سيد الكس ، ليس لدينا خيار آخر .
صمت قليلاً ثم قال : انصت إلي يا رائد ليس لدينا وقت نضيعه لذلك ستكون رحلتك في الغد .
اصاب ذلك رائد بصدمة كبيرة و تسمر موضعه للحظات ، فقد كان يتمنى أن يعود لوطنه و لو لدقيقةً واحدة ، كان يتمنى أن يلقى مجرد نظرة على أهله ، و لكنه تذكر أهمية عمله و تذكر أنه سيبذل حياته من أجلهم ، لذلك قال بعد تنهيدة حارة : لا بأس يا سيدي ، لا بأس .
قال ويليام بارتياح : جيد ، و الان انصت إلي ، ستصعد على متن سفينة فضاء مجهزة بأن تبقيك متنفساً لمدة 8 أسابيع ، و هي أضعاف المدة التي تحتاجها فعلياً و ذلك تحسباً لحدوث أي خطأ طارئ ، عندك وصولك للهدف عليك التصويب عليه بدقة قبل الاطلاق ، و على أي حال سيكون لديك أكثر من صاروخ في حال لم تُصب في مُحاولتك الاولى .

و سيشرح لك مدير مركز المحركات الامر بالتفصيل في ساحة الاطلاق .
" وداعاً يا سيد الكس "
هتف بها رائد مودعاً السيد الكس، فقال السيد الكس في محاولة فاشلة للتظاهر بالتماسك : وداعاً يا رائد ، و أحييك كثيراً على شجاعتك النادرة ، صدقني أنا حزين للغاية لفقدان شاب مثلك .
قال له رائد : هذا واجبي يا سيد الكس و قدري الذي كتبه الله لي ، و لكني أرجوك أن ترعى أهلي و مخطوبتي جيداً و ألا تتركهم وحدهم أبداً .
قال الكس بتأثر : لا تقلق بهذا الشأن يا أمجد فأنا لن أتركهم قط .
 و صعد رائد للمركبة بدون أن يبادله أي كلام آخر .
و الكس يتابعه في حزن .
و بدأ العد التنازلي .... و مرت الثوانٍ على رائد كلحظة عابرة
و أخيراً انطلقت المركبة إلى الفضاء ..... و إلى الهلاك المحتم .
و في الاسفل قال ويليام لالكس : يا له من شاب شجاع حقاً ، و لكن هل تعتقد بأنه سينجح ؟

قال الكس : بل أنا واثق من هذا ، لقد دربته بعناية ، ولقد اظهر موهبةً فطرية ، من المؤسف حقاً أن نفقد شخصاً كهذا .
قال ويليام مواسياً : و لكنها حياة فرد أمام حياة كوكب بأكمله .
وافقه الكس بإيماءة من رأسه و إن لم يقلل هذا من حزنه قط .
" وصلت المركبة إلى الهدف "
أيقظت تلك الجملة الآلية من حاسوب المركبة رائد من بحر ذكرياته العميق ، فأنتفض بشدة و التفت إلى ما حوله ، كان الفضاء أسوداً جامداً صامتاً كالعادة ، و لكن ثمة شيء واحد مختلف ...
.... حجر بني ضخم متعرج الحواف يسبح أمامه مباشرة و كأنما يتحداه ، و بمجرد أن رآه انتفض رائد في غضب و قال و كأنما يتحدث إليه : إذن ها أنت أيا الوغد ، أنت الذي ستودي بحياتي قبل حفل زفافي بأيام ، و ستطيح بسعادتي ، و لكن هيهات لن تنجو بفعلتك أبداً .
قالها ثم أسرع إلى قاعدة إطلاق الصواريخ في المركبة ، و كما تلقى تدريباته ، صوب بدقة تشُف عن مهارة فذة هو يقول :
 من أجلك يا أمي ...
من أجلك يا ريم ...
من أجلك يا هدى
من أجلك يا سامح
من أجل ثقتك الغالي بي يا سيد الكس
من أجلك يا أبي
من أجلكم جميعاًً ، و من أجل البشرية و من أجل الارض .
سأبذل حياتي لأُزيح هذا الخطر اللعين .
ثم ضغط على زر الإطلاق ....

... و انطلق الصاروخ نحو الهدف تماماً .
 " لقد نجح الفتى "
قالها السيد ويليام و هو يشير إلى شاشة الرصد فتوجهوا جميعهم بنظرهم إليها ، فتابع قائلاً : انظروا لقد تفجر النيزك و ها هي شظاياه تدور في الفضاء بعيداً عن الارض تماماً .
و في الصورة كان الوضع يؤكد كلامه ، كان الارض شامخة في الفضاء تكمل دوراتها في أمان ، و قد تلاشى ذلك النيزك و آثاره تماماً باستثناء بعض الشظايا الضئيلة و التي لا تُمثل تهديداً يُذكر على الارض .
فقال الكس في ارتياح : و أخيراً انزاح ذلك الكابوس ، و لكننا للآسف دفعنا ثمناً باهظاً بخسارتنا رجلاً مثل رائد .
قال إدوارد : و لكنه كما قلت لك سابقاً مهما كانت مهارته و موهبته كما تقول انت رجل في مقابل كوكب بأكمله .
قال الكس : أدري و لكن ....

بتر عبارته فجأة و قد اتسعت عيناه بشدة و هو ينظر إلى شاشة الرصد ، فالتفت الجميع إليها في فضول ليروا ما أثار دهشته . و هذه المرة اتسعت عيون الجميع بلا استثناء ، فلقد كان ما رأوه مذهلاً و مستحيلاً بكل المقاييس
" مستحيل "
هتف بها ويليام و هو ينظر في الشاشة ، التي أظهرت مشهداً مذهلاً  ...
مذهلاُ للغاية
 فلقد كانت هناك سفينة فضاء تسبح في الفضاء الواسع تتجه إلى الارض ، سفينة بدت مألوفة جداً لديهم ...
... سفينة رائد  
و ايقظهم من دهشتهم هذه صوت صفير جهاز الاتصالات و الذي أشار إلى طلب اتصال مرئي

و تضاعفت دهشتهم تلك مرات و مرات
فلقد كان ذلك الطلب من سفينة رائد
 فضغط ويليام على زر الموافقة بالحال ، و ما هي إلا لحظات حتى تم الاتصال .... و ظهرت على الشاشة صورة آخر رجل يتوقعون رؤيته الان ....
... صورة رائد
الذي قال بمجرد رؤيتهم على شاشته باسماً : مرحباً أيها السادة ، هل افتقدتموني كثيراً ؟!
صرخ الكس في لهجة تجمع بين السرور و الذهول : كنت أعرف انك ستفعلها ، لم اشك لحظة في ذلك قط .
قال ويليام : مستحيل ، هل أنت حي حقاً ؟!!
قال رائد : كما ترى ، حي و بصحة ممتازة أيضاً .
قال إدوارد : و لكن كيف ؟ كيف ؟!
قال رائد : حتى أنا لست أفهم كيف ، و لكن ما حدث هو أني قد أطلقت الصاروخ تجاه النيزك بكل ما اوتيت من مهارةً في تصويب ، و لكن حدث تنافر عجيب بين الصاروخ و النيزك ، جعل الصاروخ ينحرف قليلاً ، و لكن الصاروخ انقسم انقسامات متتالية بشكل جعله يطوق النيزك من كل الجوانب ، حتى أجهز عليه أخيراً ، و قد كنت أتوقع انفجاراً مروعاً ، يطيح بي تماماً ، و لكن حدث شيء أثار ذهولي فهو يكسر كل قواعدنا المعروفة ، فلقد احتوى النيزك الانفجار بداخله ، ثم تحول إلى أشلاء و شظايا ، و اتجها بعضها نحوي ، و تيقنت بأني هالك لا محالة ، و لكن تكررت حالة التنافر تلك و حدثت بين السفينة و تلك الشظايا فابتعدت عنها بسلام على عكس ما حدث مع الصواريخ .
تبع قوله هذا حالة من الصمت المقرون بالتفكير العميق ، قطعا الكس بقوله : أُرجح أن يكون نوعاً غير معروف من المعادن التي يعج بها الفضاء و أفسر ما حدث مع الصواريخ بأنها كانت من مادة البلاستيك على عكس معدن الصاروخ الاصلي فلم تحدث قوة التنافر ، اما مع سفينتك حدثت حالة التنافر لأنها من نفس معدن الصاروخ الأصلي .
و ربما ذلك تحدث حالة التنافر تلك مع معادن أخرى أيضاً . 
قال ويليام : تفسير منطقي ، و لكن أعتقد من الافضل أن نجلب منه كمية كافية لدراسته جيداً قبل أن نُجزم بأي بشيء .
قال إدوارد و هو يومئ برأسه : نعم ، ما رأيك بأن تجلب لنا منه في طريق العودة يا رائد ؟
أجابه رائد : في الحقيقة .. لست متحمساً لهذا ، فلقد سبب لي ذلك المعدن ما يكفي من مشاكل ، و لست أحبذ التعامل معه ثانيةُ .
قال الكس مبتسماً : أظن أن هذا الامر يمكنه الانتظار لوقت لاحق يا سيد إدوارد ، الاهم أن أفضل رجالنا قد عاد إلينا سالماً ، أليس أمراً يستحق الاحتفال ؟ ما رأيكم في إقامة حفل صغير مع مطلع الشهر القادم ؟!
قال ويليام : اقتراح جميل للاحتفال بنجاة الأرض و منقذها .
 ما رأيك يا رائد ؟
أجابه رائد بابتسامة واسعة : أنا لدي اقتراح آخر

نظر إليه الجميع بتساؤل ، فقال : اقترح ان تحضروا جميعاً حفلي الاكبر في مطلع الشهر المقبل .. حفل زفافي .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
استرخ رائد في مقعده بسفينة الفضاء التي تتجه عائدةً إلى الارض و هو يستعيد ذكراه الأخيرة و ذكراه الافضل على الاطلاق ...
 .... ذكرى إنقاذه للأرض
لقد حلم دوماً بأن يصبح رائد فضاء ليحلق في هذا الكون الواسع ، و ها هو قد حقق الحلم أخيراً .
و قد أصبح الان أكثر فخراً بكونه رائد ...

.... رائد فضاء .
لم يدر رائد أنه لم ينقذ الارض من مجرد خطر الاصطدام بنيزك بل أنه أنقذها مما هو أخطر من ذلك بكثير ....
... فهناك بعيداً عن كوكبنا بملايين السنين الضوئية ....
اقتحم احد العالمين بمركز كوكب اوفيلن لرصد الفضاء - أحد الكواكب بمجرة روزيتا - غرفة مدير المركز و هو يلوح بتقريراً في يده قائلاً بلغة
 لا تشبه أي لغة أرضية معروفة  :
سيدي لقد تدمرت سفينتنا التي أرسلناها الارض يا سيدي !!
 التفت اليه المدير - الذي كان يوليه ظهره - في حدة مؤنباً له على طريقته المخالفة لقواعد اللباقة في الدخول .
 جعلته يرتد إلى الخلف و هو يقول : معذرةً يا سيدي . 
 تجاهل المدير اعتذاره و قال بنفس اللغة العجيبة : هل أنت جاد ؟!
قال العالم و قد أزاح ارتباكه جانباً : بلى ،  لقد تفجرت السفينة قبل أن تبلغ هدفها بقليل .
قال المدير متسائلاً : و ما الذي دمره ؟ مجرد اصطدام ؟
قال العالم و هو يُهز رأسه نافياً :
كلا ، لقد رصدنا مركبة فضائية خرجت من الارض و نسفت المركبة ؟
قال المدير في دهشة : لم أكن أتوقع أن الارضيين يمتلكون التقنيات الكافية لفعل هذا ، و لكن يبدو أننا لم نوفيهم حقهم كاملاً .
ثم صمت برهة و قال :
يبدو أننا سنؤجل غزونا لهذا الكوكب بعض الوقت ، فلنركز الان في حملتنا على كوكب فريز، قل لي ما أخر الاخبار الواردة من هناك ؟
قال له العالم : لقد اكتشف علمائنا هناك نوعاً جديداً من الطاقة بكميات كبيرة تكفينا لعدة قرون و سيبدئون في إرسالها إلينا قريباً .
قال المدير مبتسماً  : عظيم ، من يحتاج إلى الارض و لدينا كوكب غني بالثروات مثل فريز ؟!
قالها ثم أطلق ضحكة مجلجلة هزت أرجاء الكوكب ....

... بل الكون كله
                                    
                                     تمت   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;