بحث في المدونة

الاثنين، 16 مايو 2011

يوميات عائلة متواضعة جداً ( الحلقة الأولى )

  السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



 أعرض عليكم رواية من تأليفي ليوميات عائلة متواضعة جداً ( مادياً و ليس علمياً ) قبل و بعد الثورة و ذلك على عدة اجزاء
و في نهاية السلسلة عليك التفرقة بين قبل و بعد الثورة و أظن أن المقارنة سهلة
  نبدأ بسم الله

 ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

يستيقظ الاب ( إبراهيم ) : من نومه  في حوالي السادسة صباحاً كالعادة بوجه يوحي بأنه قد خرج من معركة و ليس مستقيظاً من نومه الذي من الكذب ان يوصف بالمريح ( فعندما تنام على كتلة من الخشب المتنكر في سورة سرير و قد تهالكت او كادت لا يمكن ان يكون نومك مريحاً مطلقاً ) ثم اسرع إلى الحمام على أمل أن يجده خاوياً على غير العادة من أبنائه الثلاث أو زوجته و لكنه سرعان ما تبخر أمله و تلاشى حلمه عندما وجد الباب موصداً و لكنه اعتاد منذ فترة لا تقل عن 3 سنوات على التحكم في أعصابه فكف عن التحطيم او التكسير في كل ما يحيط به عندما يتعرض لذلك الموقف الرتيب بعد أن أدرك أن الخسائر الناجمة عن ذلك أشد من أن تتحمله الميزانية المتواضعة بالإضافة لإدراكه أنه لا خسائر مادية ستنتج عن الانتظار ( و إن كان ذلك سيؤخره عن عمله كالعادة مما يعرضه لكم من التوبيخ و وابل التهديدات بفصله من العمل من رئيسه المباشر  ) لذلك آثر الانتظار في هدوء و لكن بعد أن مر الوقت و تآكلت قدميه من الانتظار فصاح : مين اللي جوه ؟ رد من بالداخل : من الداخل : سمير يا بابا ، صاح فيه إبرهيم في غضب : بتعمل ايه كل ده ياض ؟ انت هتتنك علينا عشان الكام جنيه اللي بتساهم بيهم في ميزانية البيت ما انت بتاكل بيهم برضو فيرد سمير : لا تناكة و لا حاجة انا خارج ، و لم تكد تمر دقيقة حتى خرج سمير في هدوء و اسرع إبراهيم للداخل و قد أوشك على أن ينفجر .


يخرج إبراهيم و يتجه مباشرة إلى المائدة ( وإن كان تسميتها بذلك غير دقيق ) فهي عبارة عن كتلة مربعة من الخشب الغير مصقول و المكسور من جمبع جوانبه ذات أربعة أرجل شبه محطمة و كان من العجيب أنه لم تنهار و حولها خمسة مقاعد و كانت تبدو لامعة ( بالمقارنة بالمائدة  ) و قد كان جميع أبنائه على مقاعدهم بمنتهى اللهفة منتظرين أن تحضر الام وجبتهم اليومية الفاخرة و التي تتكون من : فول + فلافل + قطعة جبن + بيض مقلي ( في بعض الاحيان و غالباً في بداية الشهر ) على أجد المقاعد كان ابنه سمير يجلس و قد كان متخرجاً من كلية الهندسة قسم الكترونيات بتوفق من عدة سنوات و ظل يبحث عن عمل و لكن دون جدوى مما اضطره لقبول عمل متواضع بأجر أكثر تواضعاً في وزارة الصحة ( لاحظوا العلاقة بين مؤهله و هذا العمل ) و بعد العمل يذهب في محاولة جديدة يائسة للبحث عن عمل ( ممكن يشتغل في وزارة الزراعة مثلاً ) و بجانبه شقيقته هبة الطالبة بكلية الإعلام و التي لولا تفوقها لما كانت قادرة على الاستمرار فيها بسبب مصاريفها الباهظة ،  بجانبها شقيقهما وليد الطالب بالثانوية العامة في احد المدارس الحكومية ( الهاي اوي ) جلس الاب في مقعده المعتاد بانتظار الإفطار ، و ما هي إلا دقائق حتى جائت الام و هي تحمل طبق الفول الفاخر و وضعته بحرص شديد على الطاولة و هي تقول باسمة : مفاجآة فول بكامل الاضافات . قال وليد بمزيج من السخرية و التهليل : يا سلام على المفاجآة كنت فاكره هيكون ساده و ليه بقى الكرم ده كله . قالت الام بمحاولة للمحافظة على ابتسامتها : اتبقى شوية زيت و بهارات قلت ليه احرمكم . قالت هبة هذه المرة : شكراً و يا ترى اتبقى شوية بيض كمان ؟ . قالت الام : لا للاسف في جبنة و فلافل بس ، و خلاص كلها يومين و يجي اول الشهر  . قال سمير هذه المرة : اه زي كل يوم يعني . قال الاب في غضب : كل و انت ساكت ياض و بطل تناكة . لم يعلق سمير و اخذ حاول ان يبلع ما يستطيع بلعه قبل أن يذهب إلى عمله .

أنتهت الاسرة من الأفطار و ذهب كل منهم إلى مقصده و الان لنشاهد رحلة كل شخص فيها عن كثب


الأب :في طريق الذهاب إلى العمل


كالعادة خرج الاب إلى المنزل قاصداً موقف السيارات و الحافلات ليبدأ أولى معاركه اليومية و بعد أن وصل الموقف أصطف بجانب القبائل البشرية الهائلة الراغبة في شئ ذي عجلات ليقلها إلى حيث يريدون


كان هناك ست وسائل :


1 - التاكسي

2 - القطار

3 - مترو الانفاق

4  طائرة هيليكوبتر خاصة

5 - الحافلة ( الاتوبيس ) الحكومي طبعاً

6 - الميكروباس

طبعاً قام بحذف الخيار الاول لان التاكسي مش من مستواه ( وذلك لتكلفته الزهيدة ) و كذلك الثاني لانه شك انه لا يوجد خطوط سكك حديدة تمر على عمله و أيضاً الثالث لعدو وجود شبكة مترو في طريق عمله المنحوس و طبعاً لولا خسارته لبضعة ملايين في البورصة في اخر صفقة له لكان الان من اصحاب الطائرات الخاصة

و لذلك لم يتبقى لديه سوى الحافلة و الميكروباص


 و أخذ يشق طريقه و يتوغل وسط أكوام البشر و تمر الحافلات و الميكروباصات واحداً تلو الاخر



و يتدلى من باب كل منها صبي أو شاب يصيح بوجهته و ظل الرجل ينتظر على أمل أن يجد ما يستقله و عدد المنتظرين يقل تدريجياً و لا ما فاض به الامر قال في نفسه : شكلي مش هخلص النهارده مفيش قدامي غير اني اركب اتوبيس لحد .... و بعدين اركب من .... ل ...... ثم ل ...... إلخ



و أخذ إبراهيم ينتظر و أخيراً بعد أن فكر جدياً في أن يتغيب عن العمل في ذلك اليوم ، وجد الميكروباص المنشود ( ليس المتوجه إلى عمله مباشرة بل إلمتوجه إلى المنطقة ... و التي سيتقل منها الحافلة .. للمنطقة ... ثم يركب الميكروباس ... للمنطقة .... ثم مشي لمسافة .. كم ) ثم .... و لا بلاش كفاية وجع دماغ

فالتقط انفاسه و قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله

ثم أخذ يتوغل وسط أكوام البشر حتى وصل إلى بابه بصعوبة بالغة ثم تشبث فيه هو و الكثير من الناس المحيطين و كأنما  يمثل طوق النجاة بالنسبة إليهم فقال إبراهيم في حنق : يعني هو محبكتش إلا على الاتوبيس ده و أخذ يصعد على مهل و أثناء كفاحه هذا تحرك الميكروباص ، فصاح إبراهيم في السائق : متصبر يا اسطى لحد ما نطلع

فرد السائق في عصبية شديدة : هو احن مش فاضيين غير ليك ولا ايه ؟ مش عاجبك اتفضل انزل

لم يرد إبراهيم و قرر أن يوفر طاقته في محاولة الصعود

و أخيراً بعد معارك من الظلم مقارنتها بمعارك الحرب العالمية الثانية أصبح داخل الميكروباص

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
 يتبع .........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

;